هل يمكن للتكنولوجيا الذكية الاصطناعية الجيل الأول تحقيق القيادة الذاتية؟
في السنوات الأخيرة، أصبحت السيارات ذاتية القيادة موضوعًا ساخنًا في صناعة التكنولوجيا، تستثمر شركات مثل Tesla و Waymo و Uber مليارات الدولارات في تطوير مركبات ذاتية القيادة يمكنها التنقل في الطرق بأمان دون تدخل بشري، بينما حققت هذه الشركات تقدمًا كبيرًا في هذا المجال.
يبقى السؤال: هل يمكن لتقنية الجيل الأول من الذكاء الاصطناعي تحقيق القيادة الذاتية؟
للإجابة على هذا السؤال، نحتاج أولاً إلى فهم المقصود بالجيل الأول من الذكاء الاصطناعي، تعتمد تقنية الذكاء الاصطناعي من الجيل الأول على القواعد، مما يعني أنها تعمل بناءً على قواعد وخوارزميات محددة مسبقًا، ليس لديها القدرة على التعلم من البيانات أو التكيف مع المواقف الجديدة، في المقابل، تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي من الجيل الثاني، والمعروفة أيضًا باسم التعلم الآلي، خوارزميات يمكنها التعلم من البيانات والتحسين بمرور الوقت.
نظرًا لقيود الجيل الأول من الذكاء الاصطناعي، قد يبدو من غير المحتمل أن يتم تحقيق السيارات ذاتية القيادة باستخدام هذه التقنية، و هناك بعض الأسباب للاعتقاد بأن ذلك ممكن.
تتمثل إحدى المزايا الرئيسية للأنظمة المستندة إلى القواعد في قدرتها على التعامل مع عمليات صنع القرار المعقدة، تتطلب السيارات ذاتية القيادة نظامًا متطورًا لصنع القرار يمكنه تحليل كميات هائلة من البيانات من أجهزة الاستشعار واتخاذ قرارات في الوقت الفعلي بناءً على تلك البيانات، الأنظمة المستندة إلى القواعد مناسبة تمامًا لهذه المهمة لأنها تستطيع التعامل مع أشجار القرار المعقدة وتحديد أولويات الإجراءات بناءً على مجموعة من القواعد.
ميزة أخرى للأنظمة المستندة إلى القواعد هي شفافيتها، نظرًا لأن القواعد محددة مسبقًا، فمن الأسهل فهم كيفية اتخاذ النظام للقرارات. هذا مهم للسيارات ذاتية القيادة لأنه من الضروري أن يفهم الركاب والسائقون الآخرون سبب اتخاذ السيارة لإجراءات معينة.
على الرغم من هذه المزايا، هناك أيضًا تحديات كبيرة لاستخدام الجيل الأول من الذكاء الاصطناعي للسيارات ذاتية القيادة، يتمثل أحد التحديات الرئيسية في أن الأنظمة المستندة إلى القواعد تتطلب قدرًا هائلاً من البرمجة لإنشاء القواعد، في حالة السيارات ذاتية القيادة، قد يعني ذلك وضع قواعد لكل سيناريو محتمل قد تواجهه السيارة، هذه مهمة شبه مستحيلة نظرًا لتعقيد القيادة في العالم الحقيقي.
التحدي الآخر هو أن الأنظمة المستندة إلى القواعد غير مرنة، لا يمكنهم التكيف مع المواقف الجديدة أو التعلم من التجربة، هذا يعني أنه إذا واجهت السيارة ذاتية القيادة موقفًا غير مشمول بقواعدها، فقد لا تتمكن من الاستجابة بشكل مناسب، في المقابل، يمكن لخوارزميات التعلم الآلي التعلم من المواقف الجديدة والتكيف مع الظروف المتغيرة.
على الرغم من هذه التحديات، هناك بعض الأمثلة على السيارات ذاتية القيادة التي تم تطويرها باستخدام الجيل الأول من الذكاء الاصطناعي، أحد الأمثلة على ذلك هو DARPA Urban Challenge، والتي كانت عبارة عن مسابقة أقيمت في عام 2007 لتطوير مركبات مستقلة يمكنها التنقل عبر بيئة مدينة محاكاة، استخدمت السيارة الفائزة، التي طورها فريق من جامعة كارنيجي ميلون، نظامًا قائمًا على القواعد للتنقل في الدورة التدريبية.
مثال آخر هو Mercedes-Benz S-Class، التي تستخدم نظامًا قائمًا على القواعد لميزات القيادة الذاتية، في حين أن الفئة- S ليست مركبة ذاتية القيادة بالكامل، إلا أنها تتمتع بميزات مساعدة متقدمة للسائق مثل تحذيرات مغادرة المسار والفرملة التلقائية.
في الختام، في حين أنه من غير المحتمل أن تحقق تقنية الذكاء الاصطناعي من الجيل الأول استقلالية كاملة في السيارات ذاتية القيادة، إلا أن هناك بعض المواقف التي يمكن أن تكون فعالة فيها. الأنظمة المستندة إلى القواعد مناسبة تمامًا للتعامل مع عمليات صنع القرار المعقدة ويمكن أن تكون شفافة في صنع القرار، فإن عدم المرونة ومتطلبات البرمجة لهذه الأنظمة تجعلها غير مناسبة للاستقلالية الكاملة. مع استمرار تطور التكنولوجيا، من المحتمل أن نشهد تحولًا نحو خوارزميات التعلم الآلي الأكثر تعقيدًا للسيارات ذاتية القيادة.